دخلت منطقة جيجل التاريخ من أبوابه العريضة نتيجة إحتكاكها بالحضارة، فحسب قول العلامة الكبير إبن خلدون في كتابه الخاص بتاريخ البربر ''إن منطقة جيجل تسكنها قبيلة تسمى كتامة''.
تأسيس مدينة جيجل
ت شير أغلب المصادر التاريخية إلى أن مدينة جيجل ذات نشأة فنيقية و تعتبر من بين المواقع التي أسسها الفنيقيون في الحوض الغربي للمتوسط في القرن العاشر قبل الميلاد. غير أنه يلاحظ إختلاف في المصادر حول أصل التسمية التي عرفت بها، فإيجلجيلي ''IGILGILI'' إن كانت فينقية الأصل معناها شاطئ الدوامة، و إن كانت بربرية فمعناها من ربوة إلى ربوة. غير أن هذه التسمية طرأت عليها تغييرات كثيرة عبر التاريخ. فمن إيجلجيلي إلى جيجل الحالية أشارت المصادر إلى مجموعة من التسميات ك: إتلتيلي، زيزري، جيجل، خيخل ….إلخ. و من آثار العقد الفينقي مجموعة كبيرة من القبور محفورة في الصخر كثير منها إندثر الآن. و لا يزال موقع الرابطة غرب مدينة جيجل يحتفظ بأكبر مجموعة. أما أقدم تاريخ للقبور فيرجع إلى القرن السابع قبل الميلاد. لأحد الأنماط يدعى القبر الممثل للهيكل الأسناني و هو على شكل مومياء عثر عليه بجبل سيدي أحمد بن أمقران.
الإحتلال الروماني
في الفترة الرومانية أعيد بناء مدينة جيجل وفق التخطيط الروماني و قد أشارت مصادر تاريخة أن ساكنيها كانوا من الفرقة السابعة أو قدماء المحاربين الرومان. ضمت إلى موريطانيا القيصرية في بداية التقسيم الإداري لشمال إفريقيا. ثم التحقت بموريطانيا السطيفية في عقد – ديوكليتاريس - و يقال أنها كانت ضمن المناطق التي شملتها ثورة الزعيم الإفريقي طاكفاريناس. و بالمقابل و أثناء إنتفاضة فيرموس عام 372 م تمكن القائد الروماني تيودوز THEODOSE من إنزال قواته بميناء جيجل لمواجهة هذه الإنتفاضة. و تمكن من مطاردة فيرموس و جيشه و إنتهى به المطاف إلى منطقة الجلفة حيث سقط فيرموس في ميدان القتال أما عن مدينة جيجل الرومانية كمعلم فلا نملك وثائق تاريخية البثة، غير أن المؤكد أنها إستعملت كميناء تجاري لنقل محاصيل القمح التي تأتيها من جميلة و سطيف و عين لكبيرة كما يشير إليه – جيسال - و من آثار الفترة الرومانية بالمنطقة فسيفساء جميلة بألوان مختلفة بقرية الطوالبية (10 كلم جنوب غرب مدينة جيجل) و مجموعة من الطرق من و إلى جيجل.
فطريق يربطها شرقا بالقل CHULU) ) و آخر غربا ببجاية و ثالث جنوب شرق نحو قسنطينة (CIRTA) مرورا بميلة (MILEV) و طريق رابع جنوب غرب نحو سطيف (SETIFIS) مرورا بجميلة. و لا يزال داخل مدينة جميلة الأثرية باب (إيجيلجيلي) (IGILGILI) و من خلال ربطها بهذه الحواضر تظهر أهمية جيجل كبيرة في التاريخ القديم.
إحتلال الوندال
بمجيء الوندال البرابرة في القرن الخامس الميلادي فإن مدينة جيجل قد أصابها من الخراب ما أصاب الأمراطورية الرومانية. و تصبح دائرة إجيلجيلي مستعمرة للوندال الذين قضوا على الإزدهار الذي عرفته المدينة خلال العهد الروماني.
الإحتلال البيزنطي
يعتبرة الغزو البزنطي لشمال إفريقيا محاولة لإستعادة السلطة الرومانية. حيث أنطلقت الجيوش البيزنطية من القسطنطينية – إسطنبول حاليا-. و نزلت بسواحل تونس خريف 335 م فسقطت قرطاج في قبضتهم ثم تبعتها جل المدن الساحلية بما فيها مدينة جيجل لتصبح مرفأ بيزنطي.
الفتح الإسلامي
فتحت مدينة جيجل سنة 720 م على يد موسى بن نصير، و حسب ما ذكره إبن خلدون بشأن المنطقة '' فإن قبائل المنطقة دخلت الإسلام و إعتنقته دينا لها بعدما ارتدت عنه إثنا عشرة مرة.
كتامة و الدولة الفاطمية
لعبت قبيلة كتامة دورا هاما في تأسيس الدولة الفاطمية، إذ من جنوب جيجل انطلقت الدعوة يحميها و ينشرها رجال كتامة الذين إتجهوا شرقا فأسقطوا دولة الآغالبة بالقيروان لينتهي بهم المقام في مصر حيث أسسوا القاهرة و إتخدوها عاصمة لخلافتهم. فبنوا الأزهر الشريف، و لهم حارة قائمة إلى يومنا هذا كما جاء في تحفة الأحباب للسخاوي.
الحملة النورمندية
في سنة 1143 قام الملك روجي الصقلي بإحتلال المدينة و هدمهاعن آخرها و حتى القصر الذي شيده يحي بن عبد العزيز آخر ملوك بني حماد لم ينج من الخراب. و في عام 1146 م و حسب الإدريسي عرفت مدينة جيجل مجاعة أضطر الناس إلى أكل لحم البشر فأغتنم ملك الموحدين عبد المؤمن هذه الفرصة للقضاء على قوة الحماديين و ألقى القبض على يحي بن عبد العزيز و أسترجع مدينة جيجل التي ضمها إلى مملكته.
إحتلال الجنويون ''الجنويز''
إبتداءا من عام 1260 إحتل الجنويون مدينة جيجل و يتخدون منها مرفأ تجاريا على الساحل الإفريقي به حامية لهم، و قد قيل أن مدينة جيجل أصبحت أكبر سوق لبيع العبيد على عهد الجنويين. و كان بها لكل مدينة دكاكينها و حوانيتها، كمدن إيطالية ، بيزا و البندقية الذين كثيرا ما أرتبط نشاطها التجاري مع مدينة جيجل. و قد دام وجود الجنويين بالمدينة ثلاثة قرون. و للوجود الجنويين بالمنطقة تأثير كبير على ساكني المدينة و المنطقة ككل تأثير تجلي أكثر على المستوى اللغوي و الحرفي.