محمد آل مشوط (بيشة)
يخلط البعض بين الخيط الابيض والخيط الاسود عند بزوغ النهار والامساك.. حول هذا يوضح عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم الشيخ عبدالرحمن بن عبدالعزيز بن عقل ما يشتبه عند الكثير: البخاري اخرج في تفسير القرآن باب (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود) عن سهل بن سعد -رضي الله عنه - قال انزلت «وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود» ولم ينزل (من الفجر) وكان رجال اذا ارادوا الصوم ربط احدهم في رجليه الخيط الابيض والخيط الاسود فلايزال يأكل حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد (من الفجر) فعلموا انه يعني الليل والنهار.
واخرج الامام احمد في مسنده والبخاري ومسلم عن عدي بن حاتم قال: لما نزلت هذه الاية «وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الابيض من الخيط الاسود» عمدت الى عقالين: احدهما اسود والاخر ابيض قال: فجعلتهما تحت وسادتي قال: ثم جعلت انظر اليهما فلا تبين لي الاسود من الابيض ولا الأبيض من الاسود فلما اصبحت غدوت الى رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فأخبرته بالذي صنعت فقال «ان وسادك اذا لعريض انما ذلك بياض النهار من سواد الليل».
دل الحديثان على ان الاية اول ما نزلت اشتبه على بعض الصحابة المراد بالخيط الابيض من الخيط الاسود فيها، فقد عمد عدي -رضي الله عنه- الى عقالين احدهما اسود والاخر ابيض، وجعلهما تحت وسادته وجعل ينظر اليهما حتى تبين له الخيط الابيض من الاسود فأمسك عند ذلك عن الطعام، فأزال الله هذا الالتباس الذي وقع عنده بقوله (من الفجر) اي ان المراد بذلك الليل والنهار وليس ما ظنه عدي -رضي الله عنه - وهذا له نظائر اخرى يزيل فيها الله تعالى الالتباس الذي يكون حول بعض الايات من ذلك: ما رواه البخاري ومسلم من حديث زيد بن ثابت - رضي الله عنه - ان رسول الله صلى الله عليه وسلم املى عليه «لايستوي القاعدون من المؤمنين»، و«المجاهدون في سبيل الله» فجاءه ابن ام مكتوم وهو يُملّها عليّ، قال: يارسول الله والله لو استطيع الجهاد لجاهدت.
وكان رجلا اعمى، فأنزل الله على رسوله -صلى الله عليه وسلم - وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت ان ترض فخذي، ثم سُري عنه فانزل الله «غير اولي الضرر».
اما الحكمة في مثل هذا فهي كما قال الله «ما ننسخ من أو ننسها نأت بخير منها او مثلها» قال ابن جرير رحمه الله علي هذه الاية «وما نبدل من حكم فنغيره، او نترك تبديله فنقره بحاله نأت بخير منها لكم من حكم الاية التي نسخناها فغيرنا حكمها اما في العاجل لخفته عليكم من اجل انه وضع فرض كان عليكم فأسقط ثقله عنكم «نأت بخير منها» لانه اما بخير منها في العاجل لخفته على من كلفه او في العاجل لعظم ثوابه وكثرة اجره».