الزمن بين العلم والقرآن
فهل أعددت أخي الكريم نفسك لهذا الخلود
المتجدد غير المنقطع في جنات الله ورضوانه؟.
وفيما يلي أقدم هذه المفاهيم الإيمانية
لحكمة الزمن وقيمته في الإسلام.
يؤكد القرآن الكريم التسبيح والذكر واغتنام الزمن
وعدم تضييع العمر والتحذير من الغفلة،
لأن العمر برهة والموت يأتي فجأة،
وهناك فرق كبير بين من يموت والقلوب
عليه حزينة والأعين عليه باكية والألسنة معطرة
عليه بالثناء الطيب، وبين من يموت ولا يحزن
لفراقه قلب ولا يترحم عليه لسان ولا تبكي عليه عين..
ولقد جعل الله الليل والنهار يتعاقبان
على حياة الناس لحكمة، كما في قوله تعالى:
( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً )
[ الفرقان]،
وقوله سبحانه :
(الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور )
[الملك ] ..
هذه هي الحكمة من عمرنا لفترة زمنية محددة،
ما مضي منها لا يعود ولا يعوض
وهيهات هيهات فقد مضى العمر ولا رجعة فيه،
كما يقول الحسن البصري، رحمه الله:
( ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي :
يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى علك شهيد،
فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة ) .
ويحذر الله من عذاب الآخرة ويحببنا في نعيمها
بهدف توجيهنا لاستثمار أعمارنا
لما فيه خير الإنسان والبشرية.
وللأسف فإن أكثر الناس عن هذا غافلون
بينما يصف الله أهل التقوى :
(آخذين ما آتاهم ربهم إنهم كانوا قبل ذلك محسنين *
كانوا قليلاً من الليل ما يهجعون )
[ الذاريات].
ويقول الله سبحانه
( فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون *
وله الحمد في السماوات والأرض وعشياً وحين تظهرون)
[ الروم].
إن المسبحين والمستغفرين يستطيعون
ـ إذا تطهرت نفوسهم ـ
أن يرتفعوا إلى منزلة أعلى فيعيشون
في تسرمد روحي مع الواحد القهار،
وذلك بالخروج تماماً من هموم الدنيا ورغباتها
وأبعادها وترك العالم الدنيوي المادي
إلى عالم الروح لينعم المسبح والمستغفر
برائحة الجنة رغم أنه مازال حياً على الأرض...
وعلينا، أيضاً أن نفكر من الآن في حساب الآخرة.
ولنتذكر هنا حديث الرسول صلى الله عليه عليه وسلم
قبل أن نفاجأ بيوم تنتهي فيه المعذرة ولا تنفع فيه تذكرة :
(لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال:
عمره فيم أفناه وشبابه فيم أبلاه،
وماله من أين أكتسبه وفيم أنفقه، وعلمه ماذا عمل به)
رواه الطبري عن معاذ بن جبل بإسناد صحيح.
وقوله صلى الله عليه وسلم :
(اغتنم خمساً قبل خمس: حياتك قبل موتك،
وصحتك قبل سقمك، وفراغك قبل شغلك،
وشبابك قبل هرمك، وغناك قبل فقرك).
ولنتذكر قول الله تعالى في القَسم بالزمن (العصر):
(والعصر * إن الإنسان لفي خسر *
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصلوا بالصبر)
[سورة العصر]،
فعلينا أن ندعوا كما دعا الخليفة أبو بكر رضي الله عنه :
(اللهم لا تدعنا في غمرة،
ولا تأخذنا على غرة، ولا تجعلنا من الغافلين).
ولنتذكر أيضاً دعاء الخليفة
عمر بن الخطاب رضي الله عنه :
( اللهم أرزقنا البركة في الأوقات وإصلاح الساعات).
وعن الإمام الشافعي رضي الله عنه قال
الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك،
ونفسك إن لم تشغلها بالخير شغلتك بالشر).
تطور الكون وعمره
ترتيب خلق السماوات والأرض:
يؤكد القرآن الكريم أن السماوات والأرض
كانتا ملتحمتين في رتق واحد،
وتم فصلهما في عملية فتق أو انفجار،
ويتفق هذا مع حقيقة (الانفجار العظيم)
التي أثبتها العلم كما ذكرنا سابقاً،
مصداقاً لقوله تعالى:
( أولم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما)
[ الأنبياء].
ومن معطيات العلم الحديث أن الكون بدأ
منذ حوالي (13) مليار سنة بانفجار عظيم (Big Bang)،
وكان الكون كله متجانساً مكوناً من خليط ساخن
من الجسيمات والجسيمات المضادة،
كالإلكترونات والبوزيترونات حتى تكونت نوى
الإيدروجين والهليوم بعد ثلاث دقائق من الانفجار
الذي أدى إلى استمرار الاندفاع للمادة وتمدد الكون.
وكان الظلام حالكاً وشاملاً في البداية،
وكانت الفوتونات(جسيمات الضوء)
تتصادم بشدة مع الجسيمات النووية
لتصل إلى أتزان حراري في درجة حرارة
تقدر ببلايين الدرجات، وإشعاع غير مرئي،
حينما كانت الطاقة هي المكون الأعظم
لفترة امتدت إلى عدة مئات من آلاف السنين،
وكانت المادة خلال هذه الفترة لا تلعب دوراً هاماً
لأنها كانت المكون وانلقب الوضع،
وأصبحت المادة هي المكون الأعظم للكون،
أي أصبحت السماء دخاناً متجانساً مستمراً
في التمدد والبرودة حتى وصلت درجة الحرارة
إلى الحد الذي يسمح بتكوين ذرات ثابتة
من النويات والإلكترونات الحرة بعد حوالي (700)
ألف سنة من بدء الانفجار العظيم،
وأصبح الكون بذلك شفافاً للإشعاعات وليس معتماً،
وظل هذا الدخان سائداً ومحتوياً
على ذرات عناصر الأرض والسماء معاً
دون تفرقة، أي رتقاً واحداً كطبخ كوني
تم تحضير كل المواد الخام للكون فيه،
وصدق الله العظيم بقوله سبحانه
هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً ثم استوى إلى السماء
فسواهن سبع سماوات وهو بكل شيء عليم)
[ البقرة].
ويقول المفسرون إن لفظ(خلق)
في هذه الآية بمعنى (قدر)،
وليس بمعنى (أوجد)،
أي أن كوكب الأرض لم يكن قد تم تشكيله بعد،
ولكن ذراته كانت جاهزة في الدخان الكوني
الذي كان سائداً في هذه الفترة الأولى
من الخلق بعد الانفجار العظيم،
دون تميز بين السماوات والأرض
لأنهما كانتا في رتق واحد وسماء واحدة
تشمل الكون كله، كما ذكرنا في الوصف العلمي