في انتظــــــارك
تابع السير كل من الام سعاد و رهف و كريم يتجاذبون اطراف الحديث و لكن على غير عادة رهف انها كانت لا تنطق بكلمات كثيرة غير كلمة نعم ، اعلم ،سمعت بذلك ، سوف اقوم به، فكان كريم و أمها يلاحظانها فكانت تمشي مهرولة بخطى ثابتة كأنها تريد الوصول سريعا و كانت عيناها تجولان في كل مكان تبحث عن شيء ضائع لها فسئلتها امها ما سبب ذلك فأنكرت رهف و لم تعطها الاجابة الصحيحة و اكتفت بقول : لا شيء امي لكن لازلت مرتعبة قليلا من ضجيج المدينة و كثرة الناس فيها فسكت الثلاثة على غير عادتهم و تابعو الطريق حتى وصلوا فأسرعت رهف و قالت :امي قولي أليس المكان رائع و واسع فأجابت أمها نعم يا عزيزتي فقد اعجبني كثيرا فهم نعم المكان ثم أضافت لم اكن اعلم انه هكذا في المرة القادمة سوف نزيد من عدد الورود و هكذا نزيد من عملنا فهز راسه كريم و قال نعم خالتي كنت سأقول ذلك فالمكان اصبح ملككما من اليوم فصاعدا فلوناه بألوان الورد الرائعة و لكن الآن اعذراني فسوف انتقل الى الجهة المقابلة لابدا عملي و الا لن انال الا التوبيخ من صاحب المكان السيد نصوح السمين فضربته الخالة سعاد على رأسه و قالت يا شقي لا تقل امامي مرة اخرى هكذا و لا تنعت الاشخاص بكلمات مضحكة فهذا عيب فتأسف كريم و هو منحني الرأس و ردت عليه سعاد نعم يجب ان تتاسف و الآن اذهب للعمل و اعمل بنشاط و الا ساحرمك من الاكل عندي فأسرع كريم مودعا اياها و دخل دكان الخضار و لبس مئزر العمل و لوح بيديه الكبيرتين للام سعاد و الصغيرة رهف .
كانت الام سعاد تلاحظ ابنتها كيف انها مشتتة الذهن باحثة عن شيء ضائع و تعلم ماذا يشغل رهف المدللة فأرادت ان تلهيها قليلا بتقسيم و تصنيف الورود و أخذت تأتي و ترد معها في الحديث الى ان تبدل الجو عند رهف و رجعت الضحكات و الابتسامات و بدا الزبائن بالالتفاف بالمرأتين و شراء باقات الورود و مختلفها بتلك الرائحة الخلابة التي ملأت المكان و كان كذلك الزبائن من مختلف الفئات العمرية كالعجائز و الازواج و براءة و ضحكات الصغار الى ان اتت فترة الراحة و تناول بعض الاكل لسد الجوع جلست رهف و امها مع بعض الغذاء الذي جلبتاه معهما و ماهي الا ثواني انضم اليهما كريم بجلب تفاحتين جميلتين و اخذوا يتمتعون بالأكل و أطراف الحديث و البسمات
كانت رهف تفكر و تحاول الا تجلب النظر اليها من طرف والدتها او كريم لكن قلبها الشغوف ينتظر بفارغ الصبر طلة فؤاد مرة ثانية و كانت تشاهد العربات بكل أشكالها علها تجد ضالتها المنشودة لكن باءت كل نظراتها و محاولاتها بالفشل و أخذت شيئا فشيئا بالاستسلام و وضع الامل جانبا لانها لن تراه اليوم الى ان اتى موعد الرحيل فشرعت الام بترتيب الاغراض و رهف تساعدها بثقل و ملل شديدين و وصل اليهما كريم ببعض المساعدة منه .
تم جمع الاغراض و بدأ في المضي قدما كانت رهف تنظر الى المكان كأنها لن تراه مجددا أو أنها سوف تعود لكن بنظرة اخرى بنظرة عادية و ليس تلك النظرة المملوءة بالشغف و الشوق نظرة الامل البسمة و الاعجاب و الراحة و ربما كذلك الحب الحقيقي الذي ضاع كانت الطريق للوصول الى المنزل موحشة لها حتى ظنت انها لم تشعر او ترى مثلها طريق رغم انها طريقها المعتادة و التي كانت تقضي معظم اوقاتها في المرح و السرور على تلك الطريق واصل كريم طريقه للوصول الى منزله بينما كان يودع المرأتين الجميلتين و اللتين بدورهما ودعتاه و دخلتا البيت
ألقت رهف بجسمها النحيل و البريء على احد كراسي طاولة المنزل و قالت ااااه يا أمي أشعر بالتعب و الإرهاق من هذا اليوم فردت الام سعاد :نعم فقد كان الزبائن كثر على غير العادة لست أعلم لكن أظن كبرهم من كبر المدينة لأن قريتنا صغيرة السكان و المساحة فهزت البنت الصغيرة بالإيجاب على أن أمها لديها كل الحق في قول ذلك فسألت الام رهف اذا كانت تريد ان تاكل فرفضت و أرادت الاستحمام و الخلود الى النوم فضحكت الام و قالت و انا كذلك فتسابقتا الى الحمام ايهما تدخل الاولى فسبقت الام لكن من حبها لابنتها تخلت عن دورها و اصبحت الجميلة رهف اول من يدخل الحمام
اخذت كل منهما حماما جميلا و دخلتا الفراش الدافئ تتحدثا فأحست الام ان رهف أملها ضعيف او كادت أن تفقده فنظرت اليها و كانت رهف في خضام الكلام فنظرت الى امها و علمت انها تريد ان تطمئنها فسكتت لبرهة فقبلت الام بنتها على خدها و احتضنتها و قالت رهف الرب لا يبعدني قلبين ملهوفان و عاشقان لبعضهما فليكن ايمانك بربك اقوى من ايمانك بأي شيء فمثلا انت تنظرين الى زهرة التوليب كيف تنمو فتكون متأكدة بأن الرب سوف يكسبها جمالا فكوني كذلك بذلك التأكيد في ناحية ربك فاطمأنت رهف بكلامها امها و تشجيعها لها ثم وقفت برهة و سألت مذعورة امييييييييي أيحس بي كما أحس به أأجول بخاطره كما يجول بخاطري كأنه الطير الابيض الذي يكون في السماء يسير فوق البحر الازرق الهادئ فابتسمت الام و قامت على ركبتيها فوق السرير و مررت يديها الناعمتين التي انهكهما التعب و العمل على شعر رهف بشدة و قالت ايتها الشقية الحمراء كبرت و اصبحت شابة و امرأة ذات احاسيس و أنا لم أكن أعمل أن الايام سوف تمر بهذه السرعة و تأتيني بشابة عاقلة و حالمة و جميلة و قلبها محب عاشق فخجلت رهف و قالت امي لماذا هذا الاحراج لقد قلت ما يخالجني فقط لا تحرجيني هكذا و الا لن اروي مرة اخرى ما يجوب داخلي بسبب كلماتك التي تخجلني فظهر على ثغر الام بشاشة و ابتسامة و قالت حسنا لن اخجلك مرة ثانية و اتمنى لك حياة سعيدة ملئها الفرح و الورود و كل شيء فيه هناء لك او لسعيد الحظ الذي ينال قلبك الندي الصغير المفعم بالحب و الصفاء .
جلستا يتسامران و يتجاذبان اطراف الحديث الى ان أخذهما النوم الى جانب بعضهما مرة اخرى و دخلتا كالعادة في عالم الخيال و الاحلام كل منهما ترجو من الله احلام سعيدة للاخرى و مر يوم منتظر و لم ترى رهف فؤاد متأملة في احلامها ان تراها و متأملة كذلك ان تراه غدا مع دعاءها لربها بذلك و صلاتهما قرب الفراش يديهما ملتصقاتان و يدعون الله في صلاتهما علما ان رهف و امها و اغلب سكان حي التوت مسيحيو الديانة .
يتبـــــــــــــــــــــــــــــــــــع.........
الجمعـــــــــــــة