بدأت القصة بين امرأة و رجل متحابان و لكن كما هو معروف البرجوازية قاسية حتى على نفسها فلديها عادات جد سيئة و من بعضها فعلى المرأة أو الرجل الزواج من التربية الأخر و ذلك حسب رقيه و طبقته العالية و ماله و طريقة إنفاقه و على المزارع و الفيلات الواسعة و المصممة حضاريا وفق تلك الطبقة و مع ذلك نشأ ذلك الحب الغير مرغوب فيه من طرف هذه الأخيرة و ذلك بين رجل ذو نفوذ عالي تربى في كنف عائلة محترمة و راقية و تعلم مختلف العلوم و اللغات و عن مختلف الحضارات و بما فيها الأشعار و الأدب و فنياته و تعود كذلك للذهاب لدور العرض و المسرحيات و حضور الفرق الموسيقية العالمية لكن شيئا ما كان يقوده نحو ما يسمى بالتواضع و هو مصطلح غير شائع عندهم ربما إلا التباهي به فقط لتزداد سمعتهم و تصبح سمعة تتناقل بين أفرادها على أنها محترمة و ذات حس مرهف ، و تعود كذلك على الانطواء بنفسه و عدم الاحتكاك بتلك الطبقة التي لا ينفك يلعنها لأنه لا يتوقف يبحث عن البساطة بينهم و لا يجد غير الدناءة و البذخ و الترف اللامتناهي و هكذا تعايش الطرف الأول من قصتنا التي لم تبدأ إثارتها لحد الآن و كان اسمه فؤاد و كانت فتيات تلك الطبقة يغازلنه كثيرا و تعود عليهن أنهن دائما يسألنه عن معنى اسمه فلا ينفك بالإجابة القلب القلب و لكن لم يكن يجتذب لأي منهن لأنه يحس دائما رغما لطف تلك الفتيات و جمالهن لكن يتسمن دائما بالغلو و الزيادة في أداء بعض الحركات خاصة بعض الضحكات التي كان يشمئز منها لأنها فوق العادة مع علو في الصوت حتى رغم تأنقهن و أجسامهن التي يميل لها الرجال كالملهوفين فكان لا ينظر إليهن قط فقد كان دائما سارحا في أشعاره و خيالاته حول حبيبته المنتظرة فكان يصفها على أنها ملاك بسيط ذو ملامح خلابة مريحة للناظر جسمها يتمايل مع الهواء بكل فخر كان يصفها على أنها ورد الربيع الذي يغذي الروح فيجعلها تسمو بعيشه معها و خلقها له الجو المناسب لتلك الشاعرية التي ليس لها نهاية مع مرور الزمن لتمنحه معها كذلك الإبداع الجديد مع كل لحظة ينظر لها يصف أيضا كأوراق الخريف التي تحملها الرياح و هي ذات خفة رقيقة تتلاعب بها في كل مكان يمكن أن تقع فوق نافذة منزل بداخله أسرة مجتمعة معا أو سقوطها على مياه باردة تحركه بعد سكون دامه طويلا شبهها كذلك بثلوج الشتاء المتجمدة حين تسقط على الخد بكل حنان و عندما تصيبه بالبرد الذي لا يستطيع لمسه عندما يغضب على يديك فلا تستطيع الاقتراب منه لحين ذوبانه و زوال غضبه شبهها بالصيف الحارق الذي يذكره بحرارة الشوق لها هذا هو فؤاد و هذا هو قلب الفؤاد و انتظاره لحبيبته الموعودة.
كانت حياة فؤاد بسيطة جدا وواضحة رغم الانشغالات التي تملئه فقد كان محافظا على نظامه و مقسما لأعماله بحيث يستطيع القيام بكل شيء يريده كان يحب جدا العمل التطوعي في الميتم الذي يسمونه الأخضر فقد كان يحب براءة الأطفال كثيرا و يتألم لحرمانه لأعز شيء في الكون الأهل أو الأقرباء و خاصة الوالدين الأم و الأب لكن السيد وليد و السيدة ناريمان لم يكونا على وفاق مع فؤاد بخصوص التدريس في الميتم بشكل تطوعي و إنما اقترحا عليه أن يعمل في مكاتب السيد وليد للمحاماة أحسن من تضييع وقته على الأيتام لأنه سوف يتخرج قريبا و يجب عليه أن يتمرس المهنة جيدا و لا مكان أحسن من مكتب أبيه فقد كان فؤاد وحيد والديه لأن القدر أخذ منهما ابنتيهما شيماء فقد توفيت من جراء المرض و المعاناة فقد مرت عليهم أعوام و هم في جلباب الحزن و الألم و قد بدأ لتوهما في عدم ذكرها و ذلك ليواسيهما قليلا رغم أنهم لم ينسوا الشقراء الشابة شيماء التي خطف الموت و هي في الخامسة عشرا ربيعا لكنهما يلهيان نفسيهما بإسعاد فؤاد و يحاولان جاهدين عدم خسارته رغم علمهما أن القدر لا يرحم أحدا فأخذت السيدة ناريمان بالتحدث إليه قائلة ابني عزيزي دعك من هذا العمل المضني و أنا أخاف أن ينقل لك هؤلاء المتشردين عدوى ما فأشاح بوجهه مستنكرا لما تقوله أمه و قال أمي لا تقولي ذلك إنهم شر مثلنا لكن الحظ لم يكن حليفهم ليعيشوا عيشتنا لو أنا كنت مكانهم أستفهمين موقفهم فصرخ السيد وليد في وجه ابنه بربك يا فؤاد لا تقل ذلك لأمك و تشبه نفسك بالأيتام أتريد جرح أمك هي لم تعد على حمل نفسها من التعب في التفكير بك و بناء مستقبل لائق بك و لا تغضب أباك كذلك لأه يتعب كثيرا من أجلك في تلك المكاتب كل صباح و أحيانا تكون رجعته متأخرة جدا و ذلك فقط من أجلك و من أجل ترك لك أموالا تستغني بها عن كل الناس و استعبادهم لك و منحك طبقة راقية تليق بك عندما تتزوج بفتاة تنتقيها أمك و هذا موضوع لم نتفاهم معك فيه بعد فابتسمت أمه و قالت بمناسبة حديث والدك لقد وجدت لك فتاة جميلة جدا و هي من عائلة مترفة جدا فهي يافعة و ذات بشرة بيضاء ضحكتها جميلة و هي تصلح لك زوجة حين تقابل بها المجتمع في حفلاتنا الخاصة أو الحفلات الكبيرة العامة فعبس فؤاد و قطب حاجبيه اميييييي ألم نتحدث عن ذلك قلت أني لا أريد أن أتزوج فتاة لا اعرفها و لا أحبها فأتت أمه مسرعة نحوه فقبلت جبينه و قالت ولدي حبيبي أعلم ذلك و لكن لا ضير في رؤيتها ربما تعجبك و تخطف قلبك أرجوك لا تخذلني هذه المرة فقط فنظر إليها فؤاد و لم يستطع أن يرفض لها طلبها لأنه يحبها و لا يحبها تتوسل له في شيء فهو طوع يديها إن أرادت شيئا لكن قبل طلبها بشرط أن لا ترفض تعليمه للأيتام فنظرت أمه برهة إلى والده و قالت اجل سوف نرى فقال لا أريد جوابا نهائيا أمي فقبلت أمه بشرطه أخيرا ففرح و نهض مسرعا ليكمل أشغاله فقبل رأسي والديه و شكرهما و ذهب و عند ذهابه ذرفت أمه دموعها مجددا فأحتضنها الوالد و قال ماذا الآن يا ناريمان فردت أرجو له فقط كل الخير و أن يعيش معافى لا أريد أن أخسره هو كذلك و أنا في هذا السن فليس لدي القدرة على احتمال خسارتهما الاثنين فقبل السيد وليد جبين زوجته و طمأنها أن فؤاد بصحة جيدة و أن لا تقلق من أجل ذلك لكن نفت بهز رأسها أنها لم تنسى ما قاله طبيب العائلة عندما كان يعالج شيماء عند مرضها فقد يكون ذلك وراثيا و انه يمكن أن يصيبه المرض كذلك فطبطب الوالد على يديها بشكل حنون و قال فلنرجو الأفضل له .
اخذ فؤاد على عادته العربة ليذهب إلى عمله في الميتم الأخضر فقد اشتاق إلى مقابلة الأطفال الصغار و تعليمهم شيئا جديدا و كان يجوب وسط المدينة و كان منشغلا بالتسليم على الأشخاص الذين يلتقيهم فقد كان معروفا بتواضعه و تعامله مع كافة الناس و بينما هو يلقي التحية على العجوز الذين يدعونه العم الوردي فإذا بفتاة ذو شعر أحمر ذات خطوات صغيرة لكن لم يلمح وجهها بعد أو من هي فهو لا يعرفها و لم يرها من قبل
و لي بقية مع القصة اذا اعجبتكم و رأيت مشاركات و آراء حولها اذا اكمل أو لا
ارجو ان تنول الاعجاب يارب